فصل: الحسبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (نسخة منقحة مرتبة مفهرسة)



.الحسبة:

.دعوة أهل المعاصي والذنوب وما يلزم تجاههم:

الفتوى رقم (556)
س: ما يلزم المسلم نحو رجل بذيء اللسان، يتكلم بالكلمات المنكرة، من أقوال شركية ونحوها، ويكثر من الطلاق ويستعين بالجن، ويأخذ الرشوة وهدم مسجدا وجعله بيتا ثم اصطبلا للدواب، بدعوى إنه سيبني خيرا منه، وفعلا بنى غيره لكنه لا يصلح لإقام الصلاة كالأول، وإلى غير ذلك من المنكرات، وإذا نصح لم يقبل؟ فأفيدونا عما يلزم.
ج: يجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينصح لكل مسلم بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [" class="commentLink">(*)سورة آل عمران الآية 110] وقال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عظيم} [سورة آل عمران الآية 104- 105] الآيات، وقال سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [" class="commentLink">(*)سورة المائدة الآية 78- 79].
وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [" class="commentLink">(*)سورة النحل الآية 125] وقال صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (*) رواه مسلم.
وقال جرير بن عبدالله رضي الله عنه: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم (*) رواه البخاري ومسلم، والنصح لله هو: الإخلاص لله في القول والعمل، وطاعته. والنصح لكتابه: الصدق في الإيمان به، والعمل بما فيه من أحكام الشريعة. والنصح للرسول: الإيمان به وطاعته. والنصح لأئمة المسلمين: أن لا يغشهم، وأن يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر؛ إن كان أهلا لذلك، وأن يعينهم على الخير ويطيعهم في المعروف. والنصح لعموم المسلمين: أن يحب لهم ما يحب لنفسه، ولا يخدعهم بقول أو عمل، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وأن يتعاون معهم على البر والتقوى ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان.
ولكن الدعوة إلى سبيل الله على مراتب متفاوتة: تعليم الجاهل وإرشاده بالحكمة وإلقاء الموعظة التي ترقق القلوب لتلين القلوب القاسية، والجدال بالتي هي أحسن لمن احتاج إلى ذلك، فعلى من هو أهل للدعوة إلى الله أن يضع الأمور مواضعها، وأن يدعو كل إنسان بما يناسبه، وينزل كلا منزلته؛ لقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [" class="commentLink">(*)سورة الأعراف الآية 199] كما إن الدعاة إلى الخير ومن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر درجات فمنهم من يقوى على الإنكار باليد، ومنهم من يقوى على الإنكار باللسان، فقط، ومنهم لا يقوى إلا على الإنكار بالقلب، ومنهم من يقوى على الجميع، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (*) فعلى الداعية إلى الله أن يتعرف قدره ومدى قدرته في الأمر والنهي، وينزل نفسه منزلتها ويدعو بقدر ما تسمح له ظروفه، علما وجاها وولاية، ولا يتجاوز طاقته؛ وإلا كان فتنة. والله الهادي إلى سواء السبيل. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: إبراهيم بن محمد آل الشيخ
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن منيع

.وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العلماء:

الفتوى رقم (1254)
س: هل ما تضمنه القرآن الكريم والسنة الصحيحة من نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأمر بالبيان والإرشاد يدل على وجوب ذلك عينا على كل عالم، لا تبرأ ذمته إلا بذلك، أو هذا فرض كفاية إذا قام به بعضهم كفى عن الباقين؟
ج: الحكم في ذلك يختلف باختلاف قلة العلماء وكثرتهم وتفاوتهم في العلم والمنزلة، فقد يحتاج الناس إلى بيان الحكم الشرعي ولا يوجد بينهم من العلماء إلا واحد، فيجب عليه وجوبا عينيا أن يجيب السائل، ويرشد الحيران، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقد يكون بينهم عدد كثير من العلماء، لكن لا يقوى على البيان والإرشاد، أو الأمر والنهي منهم إلا واحد، إما لسعة علمه أو لقوة مركزه أو لفصاحته وحسن بيانه، فيجب عليه عينا أن يقوم بالبيان والنصح والأمر والنهي، وقد يكون في البلد كثير من العلماء، وكل منهم يقوى على الأمر والنهي والبيان، فيجب عليهم البيان وجوبا كفائيا، فإن قام أحدهم بما وجب سقط عن الباقين، وإن لم يقم بذلك أحد أثموا جميعا. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن منيع

.هل الأمر بالمعروف يلزم أفراد الناس أم يقتصر على فئة معينة؟

الفتوى رقم (1392)
س: قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [" class="commentLink">(*)سورة آل عمران الآية 110] هذه الآية الكريمة وما يتعلق بها من الأحاديث تفيد أن الخطاب موجه إلى الأفراد، أي إذا رأى الفرد منكرا فليحاول أن يغيره، وإذا رأى أحدا يقصر في الخير فليحثه عليه، وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [" class="commentLink">(*)سورة آل عمران الآية 104] إن هذه الآية الكريمة تشير إلى إقامة جماعة وتأسيسها، ولكن من الذي عليه المسئولية، هل هي على أولي الأمر على ما جاء في القرآن أو أنها تعود إلى الفرد، فإن قيل: إن الفرد هو الذي يؤسس الجماعة فهل يجوز لشخص آخر أن يؤسس جماعة أخرى وهكذا، وإذا لم يكن لأحد أن يؤسس جماعة بعد أن أسسها غيره قبله فما الحكم الشرعي إذا تحقق أن الجماعة الأولى قد ابتعدت عن الطريق السوي أو انحرفت عن أهدافها، وكيف يمكن التمسك بالحكم الشرعي، وهل يجوز لفرد آخر عندئذ أن يؤسس جماعة أخرى؟
ج: أولا: قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [" class="commentLink">(*)سورة آل عمران الآية 110] الآية، خطاب عام لجميع أمة الإجابة، راعيها ورعيتها إلى يوم القيامة، وثناء عليهم؛ لإيمانهم وقيامهم بما يوجب عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد وباللسان أو الإنكار بالقلب، كل حسب استطاعته، كما هو ظاهر الخطاب، ولعموم ما رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (*) فليس الخطاب موجها للأفراد فقط كما فهم المستفتي.
ثانيا: قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [" class="commentLink">(*)سورة آل عمران الآية 104] أمر لجميع أمة الإجابة أن يكون من بينها جماعة مهيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صالحة لذلك، علما وثقافة وعملا وخلقا، متصدية لهذا الشأن، قائمة به على وجه يكفي في البلاغ والموعظة، وتصلح به أحوال الأمة، فإذا قام بذلك جماعة سقط الواجب عن الباقين، وإلا أثم الجميع كما هو الشأن في فروض الكفاية، أما تنظيم ذلك وطريق التطبيق وكيفية التنفيذ فمرجعه إلى أولياء الأمور من العلماء والحكام، فقد يكون الوعي العلمي والديني في الأمة بلغ إلى مستوى يحفز الجماعات والأفراد إلى القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على خير حال، لا تقصير فيه ولا شائبة فتنة أو انحراف عن جادة الشريعة، وفي هذه الحالة لا يكون من ولاة الأمور إلا المشاركة في التعليم والدعوة والتعاون مع الرعية على الخير، والنهوض بها في دينها ودنياها، وتبادل النصح بين الراعي والرعية على نحو ما كان الأمر في صدر الإسلام، وقد يجد ولاة الأمور تقصيرا في التعليم وإعداد الدعاة، أو انحرافا في الدعوة وتضاربا في الآراء، ويخشون من ذلك الفتنة والتدهور والفساد، فيضطرون إلى تنظيم طرق التعليم كلها، ومنها إعداد الدعاة، وتنظيم طرق الدعوة إلى الله على وجه يكفل للأمة المصلحة والسعادة في ثقافتها وينهض بها في دعوتها إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدرأ الفتنة ويقضي على الانحراف. وإن قام مسلم يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر منفردا، أو اتفقت جماعة أو جماعات في وقت أو أوقات مختلفة على أن يقوموا بذلك، وأن يتعاونوا فيما بينهم في نشر الإسلام والنهوض بالأمة في دينها في مكان أو أمكنة متباعدة أو متقاربة، فإن كان عملهم في الدعوة متفقا مع ما تقتضيه الشريعة أعينوا على ذلك، وإن انحرفوا أو أحدثوا بدعوتهم فتنة أو ضررا يزيد على نفعهم وجب إشراف أولي الأمر عليهم وإرشادهم وتقويمهم؛ لتصلح أحوالهم وينتفع بهم، فإن لم يمكن ذلك وجب الأخذ على أيديهم ومنعهم من تولي الدعوة والقيام بها، إيثارا لأقوى المصلحتين، وارتكابا لأخف الضررين، وإسناد الدعوة إلى من هو أهل لها، تحقيقا للمصلحة وبعدا عن مثار الفتن والضرر. وبهذا يتبين الجواب عما ذكر في السؤال من الترديدات. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن منيع